نظرية التخيل منذ اسس لها الفرابى اثر جوهرى

ملخص البحث

من المعروف أن التخييل مصطلح فلسفي مأخوذ عن أفلاطون وأرسطو من مباحثهما في النفس،وحديثهما عن علاقة التخيّل بالإحساس والتفكير،فالتخيّل عند أفلاطون يرسم في النفس أشباه الأشياء المدركة بالحس،وعند أرسطو يجعل صاحبه قادرًا على أن يفعل وينفعل بعدد كبير من الأفعال.وكان مجمل آراء فلاسفة الإسلام في التخييل لا يخرج عن هذا التصور،فأشار الفارابي إلى أثره النفسي وقيمته في ترشيد السلوك،بينما قرر ابن سينا أن التخييل انفعال تذعن له النفس إذعانًا يترتب عليه انبساطها إلى أمور،وانقباضها عن أخرى من غير روية وفكر واختيار،لكن ابن رشد يضبطه بالتأمل والتذكر،فإذا عَدِم أحدهما عَدِم الآخر. ويعدّ أول ظهور لمصطلح التخييل في الأبحاث البلاغية كان على يد عبد القاهر الجرجاني الذي تحدث عنه صراحة في كتابه أسرار البلاغة،وقصد به الإيهام والخداع،إذ يثبت فيه الشاعر أمرًا هو غير ثابت أصلاً، ويدعي دعوى لا طريق إلى تحصيلها،ويقول قولاً يخدع فيه نفسه ويريها ما لا ترى،وفي حين يرفض عبد القاهر دخول الاستعارة في قبيل التخييل،لأنها كثيرة في القرآن الكريم،نجد الزمخشري يرى في التخييل عونًا على فهم المشتبهات في الكتب المقدسة، وكلام الأنبياء وهكذا فتح الزمخشري الباب لمن لحقه من المفسرين،لكي يستخدموا التخييل في كثير من معاني القرآن الكريم، وكان ممن تأثر به من المفسرين؛البيضاوي في(أنوار التنزيل)،وأبو السعود في (إرشاد العقل السليم)،والآلوسي في (روح المعاني)،والقاسمي في (محاسن التأويل)،وغيرهم من المفسرين القدامى والمحدثين،بيد أنهم خالفوا الزمخشري في اعتزالياته،وحملوا ألفاظ القرآن على الأصل والظاهر،قاصدين بذلك بيان بلاغة القرآن،ومدى قوة أسلوبه. ثم يمر التخييل بمرحلة يتسم فيها بالانحصار،حيث ينحصر في التشبيه التخييلي والاستعارة التخييلية على يد السكاكي،والرازي،والقزويني، وابن الأثير الذي ربطه بالتصوير،لكننا مع أواخر القرن السابع الذي يمثله حازم القرطاجني نجد التخييل مبدأً نقديًا بلاغيًا مستقرًا،قدمه حازم في منهاجه على أنه عملية انفعالية يحدثها الشاعر في نفس المتلقي لعمله الشعري،وذلك "بأن تتمثل للسامع من لفظ الشاعر المخيِّل أو معانيه أو أسلوبه ونظامه،وتقوم في خياله صورة أو صور ينفعل لتخيلها وتصورها،أو تصور شيء آخر بها انفعالاً من غير روية إلى جهة من الانبساط أو الانقباض". وآخر ما آل إليه التخييل في الفكر البلاغي العربي القديم،هو ما كان عند العلوي والسجلماسي،حيث استقر المصطلح لونًا مستقلاً يدل بظاهر لفظه على معنى،والمراد غيره على جهة التصوير،ويندرج تحته التشبيه، والاستعارة،والمماثلة،والمجاز.

الكلمات المفتاحيه

نظرية التخيل منذ اسس لها الفرابى اثر جوهرى

جميع الحقوق محفوظة ©: إيهاب عبد الفتاح أحمد سد أحمد